إذا خُير المرء ألا يداهمه الألم أبداً أو أن يولد دون خاصية الشعور بالألم قد يكون خياره هو التخلص من الألم ظناً منه أنه يتخلص من نقمة تهدده و تنغص عليه حياته...و لكنه فى الواقع لا يعلم أنه يتخلص من نعمة كما يتخلص من حياته فى نفس الوقت..!!
ففقدان الشعور بالألم يعد مرضاً من أندر الأمراض فى العالم يصاب به شخص من بين كل 125 مليون و يعرف باسم CIPA
Congenital Insensitivity to Pain with Anhidrosis
و لعل ذكرى له لا يأتى فى إطار بيان مكمن المنحة فى الألم بالنسبة للإنسان و حسب ...إنما أذكره للخروج به من نطاق ألم الفرد إلى ألم المجتمع...!!
ففى حالة الفرد ..المصاب بالمرض يولد دون القدرة على الإحساس بالألم أو الحرارة و البرودة و ما شابه لغياب الخلايا التى ترسل إشارات الإنذار للمخ...إلى هنا قد يظن البعض أنه أمر جيد و لكن الحقيقة المؤسفة أن المصابين يتعرضون لإصابات عديدة كالحروق و الكسور و الجروح الخطيرة و غيرها من الأمور التى تودى بحياتهم و هم أطفال فى أغلب الأحوال.
هكذا حال الفرد فاقد الألم أو دعنا نقول منحة الألم...فما بالك بمجتمع كامل إذا أصيب بهذا المرض الذى يفقده الشعور بأى ألم
لا يؤلمه التأخر و السير فى ذيل الأمم...فلا ينهض للحاق بالمقدمة...فيزداد تقهقرا
و لا يؤلمه طغيان الجهل و الخرافة...فلا يعمل على استئصالها ...فتزداد تضخما فى جسده
و لا يؤلمه ضياع حقه...فلا يهب لمعرفته أو المطالبة به...فيزداد نهشا فى جسده
و لا يؤلمه استشراء الفساد...فلا يتحرك قيد أنملة لعلاجه...فيزداد توغلا فى جسده
و لا يؤلمه أى شئ سلبى...فلا يشعر بالخطر المحيط به...و لا تنبه خلاياه مخه إلى تدهور جسده...فيحتضر دون أن يشعر بقرب نهايته...!!
لذا فإنه عندما تُنكأ الجراح و تشعر بالألم عليك أن تحمد الله أن المرض لم يبتلعك مع الجموع فى المجتمع و أن تدعو أن يستعيده الآخرين و تدوم لك منحة الألم...!!
No comments:
Post a Comment