Monday, June 28, 2010

تحية للسيد الصِمَام


فى تلك الدول التى تعترف بمبدأ تداول السلطة - المُستنكر فى بلادنا - استقر فى وعى المواطن بشكل راسخ لا يدعو إلى الشك أن سنّة الحياة تقتضى التغيير و أن رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو أيا من كان على رأس الدولة - و الذى بالطبع لا يحمل سلطات مطلقة - يأتى بالانتخاب ليكون خادما للمواطنين الذين انتخبوه لفترة محددة مسبقا و يعلم جميع الأطراف أن لها نهاية يأتى بعدها غيره حتى و إن كان أعظم من وُلد فى عصره.

على الجانب الأخر و فى دول أخرى عمل البعض على مر السنين على تزييف وعى المواطن و إقناعه بأفكار- يلبسونها لباس المبادئ العظيمة- ترسّخ داخله قبول ثبوت السلطة.

أحد هذه المبادئ هو مبدأ كبير العائلة:
فيتحدثون عن الرئيس على أنه كبير العائلة و الأب الروحى للشعب و "كبيرهم و تاج راسهم" و أنهم دونه "" ميسووش مليم" و أن نقده انتقاص من هيبة الأب و نقص فى الأدب لعدم توقير الكبير.

و إدخال هذا المبدأ فى الوعى أو اللاوعى الشعبى يحول الرئيس من شخص منتخب يخدم الشعب إلى شخص على الشعب أن يوقره ويخدمه و يبرّه فلا يقل له أف.

مبدأ آخر هو مبدأ القِدَم:
فيعملون على التأكيد على عامل الخبرة و أن الرئيس كلما مكث أكثر على كرسيه كلما ازدادت خبرته فلا تضاهيها خبرة -إلا خبرة ابنائه التى قد تقترب من خبرته بحكم تربيتهم على حجر الجالس على الكرسى- و بالتالى يقف هذا المبدأ فى وجه أى مواطن لأنه لم يكن رئيسا سابقا "معتّقا" لديه ذلك القدر من الخبرة المزعومة.

مبدأ ثالث هو مبدأ الصمام:
وهو مبدأ عجيب غريب مريب يتعاما مع البلاد من وجهة نظر أنبوبة البوتاجاز و قد أخذ البعض يرددونه مؤخرا فيشيرون إلى أن الرئيس هو صمام الأمان للشعب و أن من دونه تتخبط البلاد و يحدث ما لا يحمد عقباه و هو مبدأ أخطر لأنه لا يغلق الباب فى وجه التغيير أو منافسة السيد الصمام فحسب إنما يرسخ بداخل المواطن شعور بعدم الأمان لأنه عاجلا أم آجلا سيرفع هذا الصمام و بالتالى يرفع معه الأمان المزعوم..!!!

و مع استنكارى لتلك الأفكار السخيفة على أن أعترف أن تشبيه الرئيس بالصمام لا يخلو من بعض الصحة ففى لسان العرب يأتى الصمام من صمم :

و الصَّمَمُ: انْسِدادُ الأُذن وثِقَلُ السمع
و يقال لصِمامِ القارُورة: صِمَّةٌ.
وصَمَّ رأْسَ القارورةَ يَصُمُّه صَمّاً وأَصَمَّه: سَدَّه وشَدَّه، وصِمامُها: سِدادُها وشِدادُها.
والصِّمامُ ما أُدْخِلَ في فم القارورة، والعِفاصُ ما شُدَّ عليه، وكذلك صِمامَتُها
وصَمَمْتُها أَصُمُّها صَمّاً إذا شَدَدْتَ رَأْسَها
وأَصْمَمْتُ القارورة أي جعلت لها صِماماً

فتحية للسيد الصمام!!

Tuesday, June 01, 2010

عن سفينتك التى تقصف كل يوم


عندما قصفت سفن قافلة الحرية المتوجهة إلى غزة...هب الجميع -ولهم كل الحق- ينددون بهذا العمل المريع الملئ بالصفاقة و ال"بجاحة" الاسرائيلية المعتادة...أخذ الجميع بكتبون و يصرخون و يتحدثون إلى أنفسهم تنفيسا عن الغضب الكامن داخلهم...و يتوجهون إلى العالم ليوقظوا الناس من غفلته و يكشفون وجه إسرائيل القبيح.

عندما قصفت سفن قافلة الحرية...قام الجميع...تحدثوا و نددوا و شجبوا و اعترضوا و تظاهروا ...غضبوا أشد الغضب...فعلوا ذلك لأنهم قد رأوا رأى العين الاعتداء الآثم.

على الجانب الآخر كانت سفينة من نوع آخر تقصف بشكل مختلف منذ سنوات عديدة...منذ دخلنا عهد السلام و الذى هو فى جوهره استسلام جلب لنا كل أنواع الوبال و الذل و الهوان و الخراب...و تلك السفينة هى سفينتك و سفينتى و سفينة كل المصريين التى تقصف كل يوم بالتطبيع و الاختراق و التدخل و التداخل فى كل شئ أخطرها قوت المواطن.

دعنا من الحديث المسترسل و لنسوق أمثلة و مواقف أبرزها ما يمكن أن يتعرض لها الإنسان فى عمله...مصدر رزقه:

هل تعلم أن هناك من الشركات متعددة الجنسيات من تقدم الخدمات إلى إسرائيل بشكل معلن أو غير معلن عن طريق فروعها فى مصر؟

هل تعلم أنك عرضة للعمل أو التعامل مع إسرائليين بشكل مباشر فى تلك الشركات؟
هل تعلم أنك قد تعمل فى مكان ما او مشروع لصالح إسرائيل دون أن يتم إخبارك؟

هل تعلم أن هناك من يعلم كل ذلك و لا يراه كارثة أو يرفضه و يستنكره ...بل و يقبل بالعمل لحاجته الشديدة إلى المال و لأنه باع المبدأ و القضية أصلا؟

هل تعلم أن الأمر فى سبيله إلى التفشى ليصبح طبيعيا و مقبولا ...بل و يجد البعض له مبررات و أعذار و يخلقون قناعات و يزيفون وعى من حولهم؟

هل تعلم أن الأمر لا يقتصر على الشركات متعددة الجنسيات و أن الأمر لا يتم على استحياء؟...فقد رٌوى لى أن أحد المهندسين الشباب ذهب ليعمل فى مصنع أسمنت على أرض سيناء فقيل له بكل هدوء و بساطة أن الأسمنت المصنوع هنا يباع إلى إسرائيل...و سئل إن كان يجد غضاضة فى ذلك؟...المفاجأة أن العديد من الشباب لم يروا مانعا فى قبول مثل هذا الأمر المشين و رضوا بالعمل هناك....!!!

دعنا نتخيل هذا المشهد....مصرى يجلس أمام مصرى على أرض سيناء المصرية ليسأل أحدهما ذلك السؤال المخزى فى هدوء شديد يقابله هدوء أشد من الطرف الآخر الذى يوافق فى اطمئنان...!!! ترى لو سمعه الشهداء الذين ماتوا فداء لسيناء...هل يهنأ لهم بالا...أراهم يخرجون من قبورهم سراعا ليقتصوا من الذين باعوا دماءهم من أجل حفنة مال أو جاه زائل...!!!

تلك الأمثلة قليل من كثير من القذائف اليومية على سفينتنا....و غير ذلك من تبعات اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة Qualified Industrial Zones (QUIZ)

أو المنتجات الاسرائيلية التى تدخل الأسواق المصرية و تباع دون تورية و يقبل عليها البعض دون أى شعور بالذنب....وما خفى كان أحقر...!!

فى نهاية الأمر هو قصف هادئ لا تسمع ضوضاءه وبطئ يحدث دون أن يلحظه الكثيرون ...و لكنه شديد التأثير و العمق و الخطورة لأنه يرتبط بالحياة الاقتصادية و القوت اليومى للمواطن. و لعل ذلك التكنيك لا يخفى على الذين
يعقلون

و لعلنى أذكر قول الكاتب محمد الماغوط* :

....و أنه لو حلت الآن بالمنطقة و بالعالم أجمع أفدح المصائب القومية أو الجغرافية أو المصيرية, فإن المواطن العربى -ردا على هذا المصير الذى آل إليه- لم يعد يقفز إلى بندقية ليحارب أو إلى الشارع ليتظاهر أو حتى إلى السطوح ليتفرج , بل إلى آلة الجيب الحاسبة و يحسب :

هل تؤثر على تجارتهه إذا كان تاجرا؟
أو على محصوله إذا كان مزارعا؟
أو على شهرته إذا كان كاتبا؟
أو على اعلاناته إذا كان صحافيا؟
أو على امتحاناته إذا كان تلميذا؟
أو على ترفيعه إذا كان موظفا؟
فإذا كان الجواب "لا" فكل شئ على ما يرام , السماء صافية , و النسيم عليل , و لا ينقصه إلا وصلة غنائية أو مسرحية فكاهية ليقلب على قفاه من الضحك و الانشراح و خلو البال.

تلك الكلمات التى نشرت فى عام 1987...أى منذ جئت إلى هذه الدنيا....لا أعلم هل كان يراه واقعا...أم رأى بوادره ...أم تنبأ له ساخرا..؟!!!

و لكنه على كل حال و للأسف الشديد قد أصبح جزءا من الواقع ...فحولنا الكثيرون ممن يؤثرون أن طأطأة الأعناق أو ما يسمونه السلام خوفا على مصالحهم ...و الخوف كل الخوف ان يكثر هؤلاء و يتفشى الوباء فتصغر الكبائر فى أعينهم...و هنا يكون القصف الهادئ البسيط الذى لم يفزع له أحدا قد آتى ثماره فبيغرق الجميع و هم فى غفلة عن سفينتهم التى تقصف كل يوم...!!!

---------------------

جزء من "و لكن الضفاف لا تجرى"...من كتاب "سأخون وطنى"...محمد الماغوط


Saturday, May 29, 2010

خلّى بالك من ضميرك


ها أنا ذا أدلف إلى الجامع الأزهر فى وقت الظهيرة حيث القيظ الشديد...أتصفح وجوه مرتاديه من السياح و الزوار فى الساحة و طلاب العلم و العلماء فى الأروقة و و غيرهم ممن ينتشرون فى أنحائه...أرى فيهم العالم يتلخص فى لحظة واحدة على مساحة صغيرة تجمع الأبيض و الأسود و الأصفر...المسلم و غير المسلم فى سكينة و هدوء لا تخلو من الحركة و النشاط.

يرتفع صوت الإمام بالإقامة ليعلن عن بدء صلاة الظهر...أنطلق إلى مكان الصلاة لأنضم إليهم....يتردد من الخلف نداء ليشوه المشهد...

"كل واحدة تخلى بالها من حاجتها...كل واحدة تخلى حاجتها أدّام عينيها...الموبايل...الشنطة...خللى بالك...."

يتكرر النداء بصيغ مختللفة و صوت أعلى مرات عديدة قبل و أثناء الصلاة...أعلم أن هذا النداء يتردد فى كل أماكن الصلاة من أصغر زاوية إلى أكبر جامع للتحذير من السرقة التى تحدث حتى فى المسجد الحرام...لعلنى سمعت ذلك مئات المرات ...و لكنه لوهلة أثار انزعاجة و أصابنى بغصة فتلك النداءات لا تعدو أن تكون إعلان عن أنه من المسلمين من لا يتورع عن السرقة فى بيوت الله منذ عشرات السنين و أن الجزء الآخر لم يعد ينزعج من حدوث تلك الجرائم اليومية فى لحظات الوقوف بيد يدى الله....قد يكون انزعاج الشخص و قلقه الأكبر على حذائه الغالى أو موبايله الحديث الذى قد يفقده فيبقى جوارحه مشغولة بمراقبة ممتلكاته...و لكنه فى واقع الأمر لايشمئز لحدوث ذلك الفعل المشين فى بيت الله كل يوم فى كل صلاة.

أتخيل لو أن أحد السياح غير المسلمين قد صادف تلك النداءات و تساءل عنها ...حتما ستُكوّن صورة فى ذهنه عن الجامع كمكان غير آمن و مرتع للصوص حتى أنه يحذرون فيه من السرقة بشكل طبيعى و يتقبل مرتادوه ذلك بشكل أكثر طبيعية و كأنه ليس أمرا جللا.

هكذا يألف الناس الخطأ سواء بفعله أو عدم الامتعاض من تفشيه...و لعلنا نحتاج إلى وجود نداءات الإنسان الداخلية بمثل ذلك الإلحاح لا لتذكره بالحفاظ على حذائه و ماله و هاتفه بل لتذكره بأن يحافظ على أثمن شئ قد يفقده ...تلك النداءات الصادرة من أعماقه لتذكره

""خلّى بالك من ضميرك...خلّى بالك من ضميرك!!ا

Monday, May 10, 2010

المتألقة


هى كاتبة المستقبل كما يحلو لها أن تطلق على نفسها هى و أصدقاؤها و...و كاتبة الحاضر و المستقبل كما أراها ...فهى تكتب بذلك الأسلوب الذى يعكس علاقاتها الفريدة مع الأشخاص و الأشياء و الأماكن...حتى أنك لتشعر أنها تعانق قلمها و تسر له بمكنوناتها فينطلق على الورق ليصيغها كلمات تثير جميع حواسك.

فإذا ذكرت القهوة تشم رائحتها المنبعثة من فنجانها...ذلك الفنجان الذى لا يحوى معشوقتها فحسب إنما يتسع ليحتويها و يضمها أكثر مما تضمه...يشكل لها ملاذا آمنا من ظلام الليل الموحش...يدثرها فى برد الشتاء القارس...يصرف عنها إلحاح النوم المتصل...و يحميها من كآبة الوحدة القاتلة.

و إذا ذكرت الشيكولاتة...تشعر و كأن مذاقها قد انتقل إليك...و بهجتها قد غمرتك و إن لم تكن من عاشقى الشيكولاتة مثلها...فعلاقتهما معا تتعدى علاقة التهام إنسان لقطعة طعام...كأنما تضعها فى فمها لا لتأكلها و إنما لتتبادل معها حديثا بلغة لا يفهمها سواهما ...فتهمس إليها و هى تلوكها ببطء كى تطيل حديثهما...و قبل أن تذوب فى فمها تكون هى قد ذابت فيها.

و إذا ذكرت المنيل...تشعر و كأنها تتحدث عن منيلها الخاص لا عن منيل العوام...منيلها الذى يحمل براءة الطفولة و أحلام الصبا و عبق الذكريات...منيلها الذى يخيل إليك من حديثها أنه دويلة جديدة على الخريطة ...بل كويكب منفرد فى المجرة...منيلها الذى تحتضنه داخلها بشوارعه و أناسه أكثر مما يحتضنها.

حتى ألوانها الخشبية ليست مجرد أقلام صماء...بل هم أصدقاؤها الصغار الذين ينتشون كلما أمسكت بهم لترسم خطا أو تملأ أوراقها بشخابيطها ...لأنهم يعلمون أن أمامهم الكثير من المرح فى تلك اللحظات...و هم كألوان يلخصون حياتها التى تحفل بأطياف من الأشخاص و الأحداث و المواقف و الاهتمامات و الإبداعات التى تمتلئ بالتناقض المتجانس أو التجانس المتناقض...و الذى يزيد تألقها تألقا.

كل عام و أنت أكثر تألقا :kaboria:

Sunday, April 04, 2010

The Lion & The Gazelle..!!




Every morning in Africa, a gazelle wakes up. It knows it must run faster than the fastest lion or it will be killed. Every morning a lion wakes up. It knows it must outrun the slowest gazelle or it will starve to death.

It doesn't matter whether you are a lion or a gazelle. When the sun comes up, you better start running.

The previous quote is an African proverb. The first time I read it was more than a year ago in the context of a comparison between China & USA or the other countries who joined the World Trade Organization (WTO) earlier than China -who just joined it in 2001-. It was mentioned that an American-trained Chinese manager of a fuel pump factory in Beijing posted that African proverb, translated into Mandarin, on his factory floor..!!

Actually I liked the proverb, kept thinking of it & of its significance. Though, I felt that I don't like to apply it on all the levels coz personal & global levels differ in many aspects. For the personal struggles, competitions & pursuit of success & happiness should not turn into a war where some people step on the others or "eat" them like the wild life.

On the other hand I believe that the proverb is somehow applicable on the global level where the conflict of interests between the countries is a crucial factor & where trying to outrun the others is the only solution to survive.

Thinking about all that , I couldn't prevent myself from thinking about our status in such a competitive world.They used to call our country developing or such names, but actually I feel that it's the wrong name .That's due to the fact that a developing country should have joined the race, realized the rules of the global game & pictured itself as a lion or a gazelle a long time ago. But unfortunately this is not the case coz the leaders of the country & even some individuals don't embrace the attitude of lions or gazelles in the global forest, unlike the Chinese manager who wrote the mentioned proverb on the factory's floor to remind each & every individual of the battle they are part of.

So whether we want it or not we are involved in the battle & we have to make our choice, to run & run & run to survive as a dignified lion or gazelle OR to be eaten with no honor...!!

Monday, March 29, 2010

قطار الوطن



فى كتابه "ماذا علمتنى الحياة؟" ذكر الدكتور جلال أمين أحد أحب أساتذة الحقوق له الدكتور حسين خلاف و ذكر إحدى حكاياته لهم و التى استرعت انتباهى عندما قرأت الجزء التالى:

"...يحكى لنا مثلا عن مصلحة السكك الحديدية التى استوردت قطارات من دولة أوروبية لا تعرف الفرق بين الدرجة الأولى و الثانية. و إذ تصر مصلحة السكك الحديدية المصرية على تقسيم القطار إلى درجات لا تجد وسيلة لذلك أفضل من أن تشوه بعض الدواوين و تزيل منها بعض وسائل الراحة حتى تصبح أكثر ملاءمة لذوى الدخل المنخفض"

عندما قرأت تلك الوقعة ورد بذهنى حال البلاد اليوم و شعرت أن تلك السياسة القديمة التى ترجع إلى عشرات السنوات قد استفحلت يوما بعد يوم لتشمل الوطن بأكمله...ذلك القطار الذى يقلنا جميعا على اختلاف أعمارنا و توجهاتنا و مستوياتنا التعليمية و الثقافية.

شعرت أن من يقودون قطار الوطن لا يستسيغون قط أن يقلّوا الجميع دون فرق و يرون أنه من الواجب تصنيف المواطنين إلى درجات لإعطاء كل درجة ما تستحق-من وجهة نظرهم- لذا أخذوا يهملون بعض الأماكن عن قصد و يتجاهلون الإصلاحات و المرافق و الخدمات الأساسية و هو بمثابة التخريب المتعمد لجعل المكان ملائم لذوى الدخل و النفوذ المحدود أو المعدوم. و على الجانب الآخر يتم الاهتمام بالأماكن التى تجمع الدرجات العليا لتلائم مقامهم العالى-من وجهة نظرهم القاصرة أيضا- حتى و لو كان التفضيل فيه من الإجحاف المفرط ما تراه فى حالة حرمان الكثير من عربات الدرجات الدنيا فى قطار الوطن من المرافق الأساسية كالصرف و مياة الشرب التى تغرق ملاعب الجولف فى عربات الدرجة الأولى.

و إذا تمعنّا فى كل شئ يمكن ضرب الكثير من الأمثلة الدالة على التناقض الصارخ و الفرق الشاسع الذى يبين سياسة تقسيم قطار الوطن إلى درجات دون إدراك أنه مهما تم تقسيمه داخليا إلى مستويات فإنه سيظل متصلا و إذا شب الحريق فى عربات الدرجات الدنيا فإنه سرعان ما سيمتد إلى الدرجة الأولى ليحترق قطار الوطن بأسره...!!!

Tuesday, March 02, 2010

المرأة فى القضاء

فى الموضوع السابق "المرأة فى البرلمان" تناولت قرار تخصيص عدد ثابت من المقاعد للمرأة فى مجلس الشعب و أوضحت أسباب اعتراضى عليه ...و اليوم أتناول قرار الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة برفض تعيين المرأة فى القضاء الإدارى و أورد أسباب اعتراضى المستنبطة من آراء المتخصصين فيما يلى.



من المعروف أنها ليست المرة الأولى التى تثار فيها تلك القضية فقد انتشر الجدل حول أحقية و جواز عمل المرأة فى القضاء منذ عشرات السنوات...و لعلنى أذكر أن معظم ما أقرأ و أسمع من آراء و مبررات لذلك الرفض فيها من الحجج الواهية أكثر من النقاط المقنعة لكونه كلام مرسل فى كثير من الأحوال.

و من الجدير بالذكر قبل التعمق فى التفاصيل الإشارة إلى الآراء إلى أن الآراء عادة ما تتصل بشك أو بآخر بأحد جانبين :
الجانب الشرعى و الذى يستند إلى رأى الدين و مدى جواز الأمر
جانب الملاءمة الذى يستند إلى الظروف و الواقع.

و إذا نظرنا إلى الجانب الشرعى-وبعدالاطلاع على العديد من آراء الأئمة و العلماء- نرى أنه لا مانع من تولى المرأة القضاء و إن استثنى الكثيرون مسائل الحدود و الدماء فى حين أجازها البعض فى ظل النظام القضائى الحالى الذى يتميز بمراحل متدرجة للتقاضى بالإضافة إلى عدم انفراد قاض واحد بالحكم.

و بالحديث عن نظام القضاء الحالى يجب الإشارة إلى أنه فى يختلف عن صورته القديمة التى تحتاج إلى شروط فى القاضى قد لا تتوافر فى الكثير من القضاة الرجال اليوم لأنه كان منصب مركّب و يستند إلى الاجتهاد و السلطة التقديرية بشكل أساسى دون الاستناد إلى أى إطار دستورى أو قانونى يحدد القاضى كما يحدث اليوم مما ييسر تولى القضاء لأى شخص درس و تدرج فى المناصب رجلا كان أم امرأة.

و عندما نصل إلى تلك النقطة عادة ما يظهر الكثيرون رجالا و نساء-للأسف- مرددين الجزء المقتطع من حديث الرسول-ص- فى وقعة الفرس "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" و هو أمر مردود عليه بأن ذلك الجزء يأتى فى إطار حديث كامل و يخص قوم الفرس فى حادثة خاصة و يأتى بصيغة الإخبار و لا يترتب عليه حكم شرعى –كما أوضح العديد من العلماء-.

و هنا تظهر نفس الفرقة التى تسوق الأدلة بأحاديث مقتطعة و فهم منقوص فيقولون و ماذا عن "ناقصات عقل و دين"..و يأتى الرد أيضا بأن ذلك الجزء المبتور من الحديث جاء فى مناسبة معينة و أسهب العديد من العلماء فى إيضاحه بما لا يجعل مجالا لاستخدامه للاستهزاء أو الانتقاص من المرأة ..حتى أن الإجابة المباشرة عن تفسير نقص العقل لم يكن نقص القدرات العقلية أو الحكمة و إنما كون شهادة المرأة نصف شهادة الرجل و هو حكم شرعى ليس لع علاقة بالذكاء أو الحكمة و إلا لما كا الرسول-ص- استمع إلى رأى زوجته فى حادثة صلح الحديبية و لا سمح عمر بن الخطاب لامرأة أن تحاجّه و لا عين امرأة (الشفاء بنت عبد الله) للإشراف على الأسواق ...و غير ذلك من الأمور التى ما كانت تحدث لو أن الرسول-ص- و الصحابة تبنوا النظرة الدونية للمرأة و اعتبروها كائن سفيه كما يحدث اليوم.

إذا فالجانب الشرعى و جواز الأمر مردود عليه منذ زمن طويل و تتبناه دول إسلامية عديدة منذ سنوات ..لذا عادة ما يبقى جانب الملاءمة للعبث و التبرير.

فعلى سبيل المثال يقول رئيس محاكم القضاء الإدارى "أن العمل القضائى فى مصر لا يناسب المرأة و لا يمكنها الالتفات إلى واجباتها الأسرية و الاجتماعية" ...و هو قول يردده الكثيرون و أراه عجيبا لأنه قياسا على هذا الرأى يمكن منع المرأة من الكثير من الأعمال مع العلم أن ذلك أمر نسبى يرجع إلى تقدير المرأة و أسرتها...فماذا لو كانت توفى حق أسرتها؟ و ماذا لو لم يكن لديها التزامات أسرية قاسية؟. و ماذا لو ارتضت و أسرتها تلك النوعية من العمل؟...فى النهاية هو أمر يخصها تماما..!!

و يأتى مثال آخر للحجج العجيبة عندما يقال "أنه لا يمكن تصور سفر السيدات للعمل فى محاكم الصعيد ووجه بحرى و إقامتهن فى ذات الاستراحة المخصصة للقضاة فى ظل الامكانيات المحدودة و ضعف التجهيزات".....و هى حجة غريبة لأنها تستند إلى قصور خارجى فى النظام و الإمكانيات التى ليس للمرأة أو كفاءتها أو عقلها دخل فيه فأولى ألا يذكر كمبرر من الأساس.

و يأتى المبرر الأكثر سخافة عندما يتحدث البعض عن التكوين الفسيولوجى للمرأة و ما قد يعتريها من تغيرات قد تعيقها عن العمل...و هو قول شديد السذاجة لأنه لا يضع فى الحسبان أن القاضى الرجل أو المرأة على حد السواء بشر يعتريهم ما هو أشد كالأمراض المزمنة مثل الضغط أو السكر الذى قد يؤثر على تركيز و أداء الشخص بل قد يُذهبه فى غيبوبة... كما نعلم جيدا أن المرء عرضة لأى نوع من المرض أو الحوادث التى قد تقعده شهورا و أعواما.

و هكذا يمكن سرد العديد من الأمثلة على الحجج الواهية التى يرددها الرجال و النساء أيضا دون إيراد الأمر على العقل للتفكير لوهلة فيخرج الكلام مرسلا و عجيبا و أحيانا سخيفا و يبدأ الناس فى الاقتناع به و كأنه من المسلمات..!!

خلاصة القول أعترف أننى لست بفقيه دستورى أو قانونى أو شرعى و لكننى قرأت و سمعت العديد من الآراء
ليستقر داخلى قناعة بجواز الأمر...مع ذلك لا أتحيز لمجرد التحيز مثل الكثيرات فالأمر بالنسبة لى ليس تعصبا و قد ظهر حيادى سابقا فى موقفى الرافض لتخصيص مقاعد للمرأة فى مجلس الشعب ...وكالعادة لدى القابلية لسماع الآراء و الحجج المختلفة ما دامت لا تنحدر إلى درجة السذاجة و اللاموضوعية...و كما أقول دائما أن أنه عند تكافؤ الفرص الفيصل واحد والمعيار ثابت و هو الكفاءة و جدارة المواطن بالمنصب رجلا كان أم امرأة.

Monday, March 01, 2010

المرأة في البرلمان

منذ عدة شهور كنت قد كتبت موضوعاً -لم أنشره- عن المرأة فى مجلس الشعب و بالأخص رأيي فى قرار تخصيص عدد محدد من المقاعد للمرأة بدءاً من الانتخابات القادمة ...ثم جاءت قرارات المحكمة الإدارية العليا بعدم تعين المرأة فى القضاء الإدارى و الجدل المثار حولها فقررت أن أنشر الموضوع السابق و يليه موضوع آخر عن الجدل الحالى
----------------



فى الشهور القادمة و كلما اقتربنا من الانتخابات البرلمانية يكثر الحديث عن الأحزاب و المرشحين و التوقعات بالنسبة للنزاهة و حجم التزوير و نسب المعارضة و المستقلين إلى آخره من الأمور التى تتعلق بتلك الانتخابات و كواليسها .و لكننى أعتقد أن الموضوع الذى سيضاف أو بمعنى أصح يعود بقوة إلى ساحة النقاش هو تخصيص 64 مقعد للمرأة فقط من خلال تحديد 32 دائرة انتخابية يقتصر فيها الترشيح على المرأة فقط و أقول أنه سيعود لأنه بالفعل تم تناوله كثيرا على سبيل الجد تارة و على سبيل الهزل تارة أخرى من خلال المقالات و الحوارات التلفزيونية و رسم الكاريكاتور و كالعادة يكون الحديث الجاد خال من الموضوعية وتكون الأحاديث أو الرسوم الهزلية مليئة بالاستهزاء المجحف.

إلى هنا قد يعتقد البعض أننى أمهد للدفاع عن حق المرأة فى الترشح و الدخول إلى معترك السياسة من خلال تلك الخطوة التى احتفى بها الكثيرون و لكننى لست من تلك الفرقة التى تصفق لأى قرار يخص المرأة لمجرد أننى فتاة على العكس إننى أكتب اليوم لأعبر عن استيائى من هذا القرار لعدة أسباب:

أولا:أن الأمر يخل بمبدأ مساواة المواطنين فى الحقوق –من وجهة نظرى المتواضعة- و لا أعلم إن كان الدستور فيه ما يسمح بتمييز فئة عن فئة على تلك الشاكلة.و بالرغم من حجة المؤيدين بأن هذا نوع من التمييز الإيجابى فإننى أرى أن ذلك أشد وطأة لأنه محاولة لإلباس التمييز لباسا براقا ليتقبله الناس و لكنه فى نهاية الأمر تمييز ضد فئة معينة فى حق ما.

ثانيا:أن الغاية من وجود البرلمان –أو المفترض- هو اختيار المواطنين لممثليهم بشكل عادل للجميع بحيث يكون هو الأفضل و الأقدر على تمثيلهم و نقل مطالبهم و أراءهم و شكواهم إلى الجهات المختصة فى الدولة فالعبرة بالأقدر رجلا كان أم سيدة أو حتى عفريتا.وقصر دوائر محددة للمرأة يقلل من فرص التنافس للجميع لإفراز الأفضل.

ثالثا:أن الحقوق بصفة عامة لا تمنح عن طريق تمييز البعض و لكنها تكتسب بقدرة مستحقيها على انتزاعها بكفاءاتهم.لذا فإنه فى تلك الحالة -على فرض أن هناك انتخابات حرة نزيهة -على من ترى فى نفسها القدرة و الكفاءة لتمثيل الشعب أن تعمل من أجل تحقيق ذلك و الحصول عليه عن جدارة لا أن يقتطع لها مقعد فى البرلمان و كأنه منحة أو عطية من ولى الأمر.

رابعا:أن هذا الأمر قد يحمل من الأضرار أكثر من الفوائد للمرأة نفسها لأن تحديد دوائر معينة يفترض أن المرأة فيها هى الأقدر على تمثيل الشعب و هو ما ليس صحيحا بالضرورة لأن فرص التنافس لم تكن متاحة للجميع و بالتالى قد تفوز إحداهن بالرغم من عدم جدارتها و بالتالى تسئ إلى صورة المرأة فى العمل السياسى و تعكس صورة سطحية و غير مسئولة فتكون مثارا للنقد لا لشخصها بل لكل امرأة سواء كانت كفء أم لا( و ذلك لاعتياد المجتمع على تعميم النقد السلبى على كل السيدات فى العمل السياسى -و غيره- إن أخطأت إحداهن على عكس ارتباط النقد بالأشخاص فى حالة الرجال).

خامسا:أنه من الوارد أن تلك الخطوة فى نهاية الأمر تحمل فى طياتها أهداف أخرى لخدمة مصالح الأغلبية حيث سيكون لهم ضمان السيطرة على مقاعد معينة لعملهم على تجهيز و دعم مرشحاتهم منذ وقت طويل و بالتالى إزاحة المرشحين المعارضين الرجال من تلك الدوائر.

كانت هذه أهم النقاط التى دارت بذهنى وقد يرى البعض أن تحليلى للأمر مجحف أو يتهمنى بقصر النظر و رفض حق من الحقوق التى تمنح لى و لغيرى و هنا أرد مؤكدة مرة أخرة أن الحقوق لا تمنح بل يجب أن تكتسب عن جدارة و استحقاق.

Thursday, February 25, 2010

مجلس الشَغَب


فى دول العالم تُكوَّن مجالس الشعب أو البرلمانات حاملة صفة السلطة التشريعية و تمثيل أفراد الشعب من خلال النواب المنتخبين ...إلا أنه فى مصر المتألقة دوما -و بغض النظر عن طريقة تكوين مجلس الشعب و صعود النواب إليه-يتخذ المجلس صوراً و أدواراً أخرى أبرزها أنه يخرج من كونه مجلس للشعب إلى مجلس للشغب.

و يشمل مجلس الشغب السباب بأقذع الشتائم التى تصل إلى ابن التيييت و كذلك الوعيد الذى يضم و حياة فلان مرورا بعلىّ الطلاق وصولا إلى ما هو أكثر انحطاطاً...كما يمتد الشغب إلى الاشتباك بالأيدى و الضرب و التراشق بالأحذية و غير ذلك مما خفى و هو بلا شك أعظم.

يوما بعد يوم تشعر أنك أمام فيلم هابط يزداد هبوطا كل يوم ليصبح منحطاً و بذيئاً إلى درجة تحتاج إلى تنويه مسبق قبل إذاعة كل جلسة باحتمال وجود مشاهد خارجة لا تناسب الصغار و أصحاب الثقافة و التربية رفيعة المستوى.

و مع كل ذلك يبدو أن أحدا لم يعد يتأذى من ذلك الهبوط و الانحطاط لأن تلك الممارسات تحدث فى الشارع و فى الحياة اليومية لدى الكثيرين دون امتعاض من الناس...و الأشد وطأة أنك قد تجد كبار رجال الدولة يصرحون بعدم انزعاجهم من تلك التجاوزات معللين ذلك بوجود ما هو أسوأ فى مجالس أخرى حول العالم و كأنهم يرسون قاعدة الشغب للشعب و هى أن


الأخطاء مبررة دوماً إذا قورنت بالكبائر.


Monday, February 15, 2010

منحة الألم


إذا خُير المرء ألا يداهمه الألم أبداً أو أن يولد دون خاصية الشعور بالألم قد يكون خياره هو التخلص من الألم ظناً منه أنه يتخلص من نقمة تهدده و تنغص عليه حياته...و لكنه فى الواقع لا يعلم أنه يتخلص من نعمة كما يتخلص من حياته فى نفس الوقت..!!

ففقدان الشعور بالألم يعد مرضاً من أندر الأمراض فى العالم يصاب به شخص من بين كل 125 مليون و يعرف باسم CIPA
Congenital Insensitivity to Pain with Anhidrosis

و لعل ذكرى له لا يأتى فى إطار بيان مكمن المنحة فى الألم بالنسبة للإنسان و حسب ...إنما أذكره للخروج به من نطاق ألم الفرد إلى ألم المجتمع...!!

ففى حالة الفرد ..المصاب بالمرض يولد دون القدرة على الإحساس بالألم أو الحرارة و البرودة و ما شابه لغياب الخلايا التى ترسل إشارات الإنذار للمخ...إلى هنا قد يظن البعض أنه أمر جيد و لكن الحقيقة المؤسفة أن المصابين يتعرضون لإصابات عديدة كالحروق و الكسور و الجروح الخطيرة و غيرها من الأمور التى تودى بحياتهم و هم أطفال فى أغلب الأحوال.

هكذا حال الفرد فاقد الألم أو دعنا نقول منحة الألم...فما بالك بمجتمع كامل إذا أصيب بهذا المرض الذى يفقده الشعور بأى ألم

لا يؤلمه التأخر و السير فى ذيل الأمم...فلا ينهض للحاق بالمقدمة...فيزداد تقهقرا

و لا يؤلمه طغيان الجهل و الخرافة...فلا يعمل على استئصالها ...فتزداد تضخما فى جسده

و لا يؤلمه ضياع حقه...فلا يهب لمعرفته أو المطالبة به...فيزداد نهشا فى جسده

و لا يؤلمه استشراء الفساد...فلا يتحرك قيد أنملة لعلاجه...فيزداد توغلا فى جسده

و لا يؤلمه أى شئ سلبى...فلا يشعر بالخطر المحيط به...و لا تنبه خلاياه مخه إلى تدهور جسده...فيحتضر دون أن يشعر بقرب نهايته...!!

لذا فإنه عندما تُنكأ الجراح و تشعر بالألم عليك أن تحمد الله أن المرض لم يبتلعك مع الجموع فى المجتمع و أن تدعو أن يستعيده الآخرين و تدوم لك منحة الألم...!!

Saturday, February 13, 2010

الفراغ القومى


الفراغ...ذلك الشئ الذى يعانى منه الكثيرون من وقت لأخر و بأشكال مختلفة و هو لا يعنى بالضرورة عدم وجود ما يشغل الوقت...على العكس...قد يكون الانسان غارقا من أعلى رأسه حتى أخمص قدمه فى أعماله اليومية و مع ذلك قد يعانى من إحساس الفراغ النفسى لأن انشغاله لا يعدو ان يكون دوران إجبارى فى ساقية الحياة اليومية مع غياب المقاصد المحددة و الإنجازات الملموسة...و قد يعانى من الفراغ العقلى عندما يحاط بمجتمع يغيّب العقل و يقدس الهراء...و قد يعانى من الفراغ الروحى عندما يفتقد صدق الروحانيات فى عالم المزايدات و الصراعات و الأحكام المسبقة...و قد يعانى غير ذلك من أنواع الفراغ...!!

هكذا حال الفرد فى كثير من الأحوال...و لكن دعنا من الأفراد و للنظر إلى الصورة الأكبر...إلى صورة شعب بأكمله...إذا كان الفرد يعانى من حجم معين من الفراغ فلنضرب حجم ذلك الفراغ فى ملايين الأفراد...أضعاف مضاعفة من الفراغ تتراكم لتكون فقاعة ضخمة بمثابة فراغ قومى...فراغ على مستوى الأمة...فراغ أكبر يتولد من الفراغ الفردى ثم يولدّه بشكل أقسى...فراغ مهول يبتلع كل شئ و يفتك بأى شئ...فراغ يمتص الأرواح و يقتل النفوس...فراغ يسّير الأمة قهرا فى فلك النظام العالمى بلا هدف قومى...بلا وجهة محددة...بلا شئ....فراغ يطمس الماضى و يسمم الحاضر و يظلم المستقبل...فراغ يحيل الشعب إلى جثة هامدة تنتظر دورها لتدفن مع الأمم البائدة...


فراغ قومى لأنه يفرغ البلاد من قومها و إن عاشوا فيها و يفرغ القوم من البلاد فلا تعيش فيهم...!! ا

Friday, February 05, 2010

بصقة على وجه....!!ا


اليوم ككل يوم...يترجل فى الصباح شاقاً طريقه فى الشوارع و على الأرصفة التى يكتظ كلاهما بالبشر و السيارات و الحيوانات و القمامة على حد السواء...يقطع شروده احساس بشئ ما ينطلق نحوه كقذيفة موجهة...ينحنى قليلاً ليتفادى ذلك الشئ الذى ما يلبث أن يكتشف ماهيته عندما يراه مستقرا على الأرض ...يدرك أنه بصقة طويلة المدى من أحد الأشخاص المحيطين به...يشعر بالاشمئزاز حيال ذلك السلوك المقزز الذى يراه يوميا منذ ولد...!!

يمضى فى طريقه ممارسًا هوايته فى تأمل الوجوه الشاحبة و العابسة و الذاهلة والجامدة و التائهة و البائسة و اليائسة.. و أحيانا الضاحكة...يقع بصره على وجه سائق تاكسى يصرخ صراخا هستيريا و يسب و يلعن كل شئ و أى شئ.. ثم يتبع ذلك بصوت هادر يصدر من أعماقه و كأنه البركان يستعد لإطلاق حممه البركانية التى تخرج منه فى صورة بصقة ساحقة ماحقة تستقر على الأسفلت قبل أن يهدأ البركان قليلاً...!!

يشيح وجهه محاولاً التخلص من ذلك المشهد المقزز ...يرى على الجانب الآخر سيارة فارهة ...يُفتح شباكها..يطل منها صاحبها و فى حركة سريعة يطلق قذيفة جديدة من البصاق...!!

تختفى السيارة الفارهة عن ناظريه دون أن يختفى شعوره بالاشمئزاز الذى يزداد شيئل فشيئا حتى أنه يتملكه و يستوقفه بشكل غريب...يتساءل لماذا يبصق كل هؤلاء و علام يبصقون؟

يعلم أنه سلوك سئ و حسب و لكنه يأتيه هاجس يشعره أنهم يبصقون على وجه الوطن...ينتابه شعور بالذنب حيال ذلك التفسير المهين...يفكر ...دعنى من وجه الوطن....

تراهم يبصقون على حال الوطن...أم على حالهم المزرى؟
تراهم يبصقون على وجه الاهمال...أم على مشاركتهم فى الاهمال؟
تراهم يبصقون على وجه الفساد...أم على صمتهم على الفساد؟
تراهم يبصقون على وجه الجهل...أم على على سيرهم فى ركب الجهل؟
تراهم يبصقون على وجه كل ما هو مهين و مشين و مذل و مخز ...أم على كونهم جزءا من كل ذلك؟
تراهم....

يقطع عليه حديثه لنفسه صوت قذيقة جديدة تأتى من خلفه ...يشعر أنه ذهب بعيدا فى أفكاره...فلا أحد من هؤلاء يفكر فيما دار بعقله أو يأبه به... فالأمر فى النهاية لا يعدو أن يكون سلوكاً بذيئاً لا ينفصل كثيراً عن الواقع و ما به من بذاءة...!!!


Tuesday, January 19, 2010

علّق حلمه على الشماعة



الليل يرخى سدوله متسللا فى صمت شديد...حتى أن أحدا لا يعلم أيأتى زاحفا بسرعة بطيئة أم ببطء سريع ...يأتى ليعلن بوضوح نهاية يوم كأشباهه من الأيام التى تتوالى فى تسلل عجيب يشعره و كأنه يوم أبدى...!!

علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!


يأتيه صوت مألوف منشدا تلك الكلمات من أحد السيارات المارة أسفل البناية المتواضعة التى يقطنها...تمضى سريعل قبل أن يتذكر صاحب الصوت أو كلمات الأغنية...تمضى و يخبو الصوت...و لكن تبقى الكلمات مترددة داخله...!!!

علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!

يحاول جاهدا الهروب من حصار تلك الكلمات...لا يدرى لماذا فى تلك اللحظة بالذات تباغته تلك الكلمات لتذكره بأحلامه الضائعة...!!

علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!

يشعر بقشعريرة تسرى فى جسده ...يرى أحلامه القديمة تحاصره...يمر أمامه شريط من الذكريات حاملا كل أحلامه الضائعة...يسمع كثيرا أن المرء يرى شريط حياته قبل أن يموت...لا يدرى هل هذا هو الشريط المزعوم؟...هل كانت أحلامه هى حياته....هل أضاع الأولى فأضاع الثانية...هل شارف على الرحيل؟!!

علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!

يصر على الخروج من ذلك الحصار ...يتناول كتابا و يبدأ فى القراءة علّه يجد بين دفتيه ملاذا من كل ذلك التشويش الذهنى

علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!

يدرك أنه فشل مرة أخرى فى الهروب من شرك الذكريات ...يتجه إلى التلفاز...يدير مؤشره فى محاولة يائسة لتشتيت ذهنه عما تملكه فى تلك اللحظات القليلة الماضية

يرى منير على المسرح صادحا

شد لحاف الشتا على جسمه..دحرج حلمة و همة واسمه..دارى عيون عايزين يبتسمو

يشعر أن الكلمات ما زالت تحاصره و لكنه لسبب ما يرفع الصوت إلى مستوى أعلى آملا فى الخروج من الحالة الذهنية التى تسيطر عليه..!!

اللى قضى العمر هزار..واللى قضى العمر بجد..شد لحاف الشتا من البرد

فجأة يشعر بإحساس البرد يسيطر عليه رغم اعتدال الطقس...يبدأ بالشعور بقلق غامض...فيرفع صوت التلفاز لمستوى أعلى..!!

حط الدبلة وحط الساعة..حط سجايرة والولاعة........
علّق حلمة على الشماعة

يتسمر لا إراديا فى مكانه لوهلة و صوت منير يأتيه من كل مكان

علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على ....

يغلق التلفاز سريعا متخلصا من الصوت الصادر منه دون أن يقتل الصوت الذى يسكنه...يغادر المنزل سريع ...يسير متدثرا بظلام الليل إلى حيث تحمله قدماه...يدرك أن أحلامه الضائعة قد قررت مطاردته فى تلك اللحظة فى نهاية عمره...لم يرد أن يتذكر من منهما أدار ظهره للآخر منذ أعوام طويلة...!!!

هل كان هو عندما شعر أنه ليس مقدر له أن يحلم؟ أم كانت أحلامه عندما خذلته فى كل وقت و حين؟

هل هو من علقها؟ أم هى التى علقته؟

هل كان قاسيا على أحلامه؟أم هى التى قست عليه؟

هل...

تبا لتلك الأسئلة اللعينة التى طوى الزمن إجاباتها منذ عشرات السنوات....!

يأتيه صوت من مصدر مجهول منشدا:

هكذا تركني حلمي ورحل
هكذا تركني حلمي ورحل
ربما لأنه لم يستطع احتضاني
وربما لأنه لم يحتمل إحتضاري

فتركني ورحل*

-------------
*مكادى نحاس

Tuesday, January 05, 2010

كلهم بيقولوا كده في الأول...و الكلام الحلو بيتحول*



كلهم بيقولوا كده في الأول
أنهم أتوا إلى مناصبهم و كراسيهم ليبدأوا عهد جديد و انتهاج منهج مختلف و إحداث تغييرات جذرية فى أمور محورية كالاصلاح و الحرية

و الكلام الحلو بيتحول
إلى أفعال مفزعة و حقائق شديدة المرارة ما أن يصل أحدهم إلى الكرسى أو بمعنى أصح يلتصق به

البراءه و الحنان واللي يام ااتقال زمان
إلى الجماهير الغفيرة عند تولى السلطة

كل ده بالوقت بان
وظهر زيفه و خلوه من الصحة أو الصدق

كل ما الأيام تطول
و السنين تمتد و الفترات تتوالى و تتوالى

الكلام سهل و كتير
و ببلاش كما يقال و لو حصر كل ما يقال منذ التصاق السئول بكرسيه لبلغ ملايين الكلمات و القرارات و الوعود

بس إيه بيجرا بعده
هذا هو السؤال المحورى و الذى يسأله الجميع فى ذهول و لكن إجابته واضحة لأن الكلام كالعادة....

في الهوا أوام يطير يبقه كله زي بعضه
لأنه كلاما مرسلا زائفا و زيفه لا يعطيه الثقل الكافى للبقاء و لأنهم...

ناس صحيح ملهاش أمان
لأنهم لم يأتوا بشرعية تضمن للشعب أن يأمن مكرهم

كله في الأول وعود
براقة أشهرها القسم بعدم الاستمرار فى المنصب و خدمة الوطن و المواطن

أما يوصل للي عايزه
و يصل إلى الكرسى..بل و يتوحد معه... يقسو قلبه...

قسوته ملهاش حدود صعب أي عتاب يهزه
لأنه يصبح أصما أبكما أعمى و لأنه بالفعل يصبح من... ناس صحيح ملهاش أمان
...!!!!

-------------------------------
*قد أكون لست من هواة تلك الأغانى حتى أننى لم أكن أعلم إلا أول جملة لترددها على مسامعى أحيانا فى أماكن مختلفة و لم أقرأ كلماتها الكاملة حتى تلك اللحظة التى بحثت فيها عنها ...و لكننى مؤخرا أصبحت أعير انتباهى لكلمات بعض الأغانى أو حتى الأقوال و الأمثال التى تثير فى عقلى روابط و اسقاطات على الواقع ... !!

مع الاعتذار لأيمن بهجت قمر لاقتباس كلماته

Tuesday, December 22, 2009

حدثنا رجل الحديد




حدثنا رجل الحديد...ذو البأس الشديد...أنه أكبر مريد...لمفجر ثورة التجديد...ذو الرأى السديد...و العقل الفريد.
فحمل الناس على الترديد... أنه الأحق بالتأييد...وهو لا شك الوحيد...القادر على الحكم الرشيد...و قيادة البلاد و العبيد...بفكره الجديد..!!!

و هنا نطق بعض العقلاء...من الرجال و النساء...فأطلقواجميعا نداء...قالوا أن هذا محض هراء...و كذب و افتراء...و على الحق اعتداء...ولا سبيل للرضاء...بمثل هذا البلاء... و لا بد من كشف الغطاء ...عن كل خطأ و اعتداء...فالصمت أبشع داء...والساكت عن الحق و الشيطان سواء

Monday, December 14, 2009

مفاتيح مصر المفقودة




من الوارد أنك مررت يوما بأحد الأفلام التسجيلية أو الصور الفوتوغرافية عالية الجودة و التى تنقل حياة الحيوانات المنطلقة فى الغابات و المحميات الطبيعية و حدائق الحيوان المفتوحة...و من المؤكد أنك شعرت يوما بالانبهار من جودة الصورة المنقولة و الحياة التى تنقلها و ما فيها من بريق و رونق.

بالطبع لا يحدث مثل هذا الانبهار فى حالة ذهابك إلى حديقة الحيوانات التى ترى فيها بقايا حيوانات تجاهد لتبقى ...قد تُرجع جمال المشهد الأول إلى جودة التقنيات وحجم الانفاق المذهل على الانتاج ...و قد تُرجع قبح المشهد الثانى إلى عدم التوفر العناية الكافية للحيوانات...و لكن التفسير الأوقع بالنسبة لى هو أن الفرق فى الصورتين مصدره الحرية..!!

فى المشهد الأول الحرية تضفى بريقا على الحيوان...و الانطلاق يكسبه بهاء و جمالا - فوق جماله الفطرى- يستشعره الرائى سريعا ...بينما يغشى المشهد الثانى بؤسا و كآبة و ظلمة و ظلاما لوجود تلك الأقفاص الحديدية التى تسلب من الحيوان شيئا يساوى كل شيئ و تضيق عليه و إن اتسعت.

هكذا الحال بالنسبة للحيوان...فما بالك بالانسان الذى خلق حرا و أٌلبس رداء الحرية التى تضفى عليه جلالا و جمالا.. و تملؤه عزة و شموخا فتعلو هامته و يفيض على من حوله بنور و بريق الحرية...!!ا

فلا عجب إذا رأيت أفرادا و شعوبا تفقد بريقها ...بل تفقد كل شئ ..عندما تفقد حريتها...!!ا

Famelab...When 3 Minutes Mean a lot..!




If u ask ppl how what significant thing they can do in 3 minutes ,...most of them would say 3 minutes are not enough..!!
They wouldn't imagine that they can do a lot of things like gaining knowledge, helping ppl learn or even having fun i just 3 minutes,..just like the many 3 minutes they spend in washing their faces , waiting for buses, surfing the internet, chatting with a friend , arguing about a football match , shopping at any mall,... to the end of the useful & trivial daily activities.

BUT, It's true that some 3 minutes are totally different from their counterparts, & that's what I realized last Saturday (12/12/2009) in the qualifying round of Famelab contest where I enjoyed the experience as a contestant & also as an audience.

Simply, Famelab is a contest which started in UK & as they describe it , it's "to take science out of the classroom and make it fun, and to encourage young people with a passion for science and technology to share their enthusiasm and knowledge with the general public in an interesting and entertaining way"
And the 3 minutes was the time given for each contestant to present a topic & impress the judges.

This year it came to Egypt, I was really interested about the idea when I first read about it & I decided that I have to give it a shot.
I picked a topic & began to dig deeper in it & prepared with a lot of enthusiasm to my presentation. When the day came & I went there I found the number of contestants more than I expected coz we r not used to such events in Egypt, so it was really amazing to find all those ppl are interested in the issue & keen to participate.

For 52 successive presentations in a long long day, I was really impressed & had much fun. When my turn came I was excited ,.. I did well & had +ve feedback on some points & comments on others to work on later.
I was not qualified to the final round, though I felt good coz I worked hard & I was good but sure others were excellent & deserved to go to the next round. I also felt good coz the whole day was interesting & refreshing & regardless of the result we were all winners coz we had a beneficial day & specifically 52 precious 3 minutes, to find out that 3 minutes can really mean alot.. !!


Monday, November 23, 2009

مفاتيح مصر المفقودة





يروى أن أحدهم قد فقد مفاتيحه فى شارع مظلم فانطلق يبحث عنها فى الشارع المجاور معللا أنه أكثر اضاءة...!!

قبل أن تضحك على سذاجته على أن أذكرك أن هذا هو الحال مع مصر التى فقدت مفاتيحها فى الظلمات ثم انطلق الجميع يبحثون عنها فى أماكن أخرى أكثر اضاءة..!!

فقدت مصر مفاتيح الدور الأقليمى فى ظلمات قصر النظر و الانسياق وراء أجندات خارجية دون وعى أو حكمة.

و فقدت مفاتيح السبق الحضارى فى ظلمات الركون إلى الماضى و الاغترار بحضارة الآباء و الأجداد.

و فقدت مفاتيح الريادة الثقافية فى ظلمات إهمال الثقافة و التجهيل المتعمد و تنحية المثقفين الحقيقيين عن المشهد العام.

و فقدت مفاتيح التفوق العلمى فى ظلمات العبث المستمر بالعملية التعليمية و إفساد التعليم بجميع مراحله.

و فقدت مفاتيح التألق الفنى فى ظلمات إفساد الذوق العام و الاهتمام بالكم دون الكيف و عدم التفريق بين الغث و الثمين.

و فقدت مفاتيح العدالة الاجتماعية فى ظلمات الفساد و البيروقراطية المستشرية فى كل مكان .

و فقدت مفاتيح الديمقراطية فى ظلمات القتل المتعمد لأى محاولة لاستئصال جذور الديكتاتورية و اللحاق بركب الدول الديمقراطية.

و فقدت مفاتيح الانتماء الحقيقى فى ظلمات قهر المواطن و إغفال حقوق بعض الفئات كبدو سيناء و أهل النوبة و غيرهم و كأنهم ليسوا بمصريين.

هكذا أخدت مصر تفقد المفتاح تلو الآخر فى الظلمات على مر السنين و لكن أحدا لم يفكر فى تسليط الضوء على هذا الظلام الدامس بالدراسة و التحليل الموضوعى و الدقيق للبحث عن تلك المفاتيح....على العكس انطلق الجميع دون تفكير إلى الشارع الأكثر اضاءة بأن وضعوا الخطط الخمسية و العشرية و المهلبية و أنفقوا فيها الجهد و المال الكثير و لكنه للأسف كان فى المكان الخاطئ لأن أحدا لم يفطن إلى الحقيقة المنطقية البديهية ألا و هى
أن من يفقد مفاتيحه عليه أن يبحث عليها حيث أضاعها

Saturday, November 21, 2009

نرجو من الفائز زيارة دارفور




منذ بداية المسرحية الهزلية التى يقوم ببطولتها الجزائر و مصر لم أفكر فى الكتابة عنها أو تحليل مشاهدها لأنها قتلت بحثا من قبَل الكثيرين كما أنها محض هراء ملئ بالهراء و مغلف بهراء أشد... و لكننى لم أستطع أن أغفل مشهد عابر بين مشاهد المسرحية...مشهد لا أعتقد أنه قد لوحظ أصلا من قبَل المتفرجين لأنه لم يكن بطولة أحد النجوم الكبار الذين تتجه إليهم الأنظار..كما أن المشهد كان سريعا لقطته عدسات المصور للحظات قصيرة قبل أن تنتقل إلى محور الأحداث مرة أخرى.

المشهد بكل بساطة ظهر فيه أحد السودانيين رافعا لافتة صغيرة مكتوب عليها "مرحبا بالفريقين و نرجو من الفائز أيا كان زيارة دارفور"

عندما رأيت تلك اللافتة حاملة ذلك النداء شعرت أن صوتا ما يصرخ فى وجه جميع الأطراف ليقول:

أيها الحمقى...كم من السهل عليكم التحرك و الاحتشاد و بذل الجهد و المال فى توافه الأمور...و كم من الصعب عليكم كل ذلك فى عظامها.

أيها الحمقى...ما أبسط أن تصرف عقولكم المغيبة عن القضايا الكبرى سواء فى دارفور أو غيرها فتنسوا الأيدى العابثة فى بلادكم كلها.

أيها الحمقى...إنكم تتشدقون كل يوم بحضارتكم و تاريخكم و اهتمامكم بالقضايا الإنسانية و لكنكم لا تحركون ساكنا.

أيها الحمقى...إن ضمائركم المزيفة لا تحرككم يوما لمعرفة الحق أو قول الحق أو نصرة الحق.

أيها الحمقى...إنكم لا تعلمون شيئا عن دارفور و لا القدس و لا حتى بلادكم.

أيها الحمقى...احيوا بحماقتكم و موتوا بها...!!

Monday, November 16, 2009

لعنة الفراعنة




احتار الكثيرون منذ قديم الأزل فيما يسمى بلعنة الفراعنة...وجدت الكثير من التفسيرات و تعددت الآراء و الأبحاث و الكتب سواء من

المصريين أو غيرهم ممن يهتمون بالمصريات و التاريخ الفرعونى.

و لكننى أعتقد أنهم قد أفنوا حياتهم هباء و أضاعواأوقاتهم الثمينة فى البحث فى الاتجاه الخاطئ و لم ينتبهوا إلى أن لعنة الفراعنة ليست لغزا غامضا يحتاج إلى البحث و التنقيب إنما هو شئ يعلمه و يلمسه الكثيرون منا و لكن دون إدراك ارتباطه بالفراعنة.

لعنة الفراعنة بكل بساطة هى تلك اللعنة التى تلبست المصريين منذ زمن بعيد حينما استقر فى وجدانهم أن حضارة الفراعنة-العظيمة بلا شك-من شأنها أن ترفع قدرهم بين الأمم كأنهم صانعوها ...و أن أمجاد أجدادهم القديمة مدعاة للافتخار على سائر الشعوب...و أن كونهم أحفاد الفراعنة أمر يثقل موازينهم اليوم فى عالم له موازين أخرى للقوى...و أن إرثهم الحضارى يغنيهم عن العمل و الاتقان و المنافسة للحاق بركب الحضارة الذى يتخلفون عنه يوما بعد يوم...و أن مولدهم على أرض مصر بعد آلاف السنين من الفراعنة يصحبه صك الأفضلية على سائر البشر....إلى آخر تلك الاعتقادات البالية التى جعلت الكثيرين يركنون إلى الفخر بال (7000 سنة حضارة) حتى أنهم يصلون أحيانا إلى درجة التيمن بالانتماء إلى الفراعنة فى أى منافسة عالمية رياضية أو سياسية أو غير ذلك من المناسبات معتقدين أن عامل التاريخ سيحسمها بلا شك-و هو ما لا يحدث بالطبع- ..!!!

إذا فلعنة الفراعنة هى ركون المصرى إلى تاريخ قديم يهرب فيه من حاضره الملئ بالإخفاقات و مستقبله شديد الحلكة ليعيش فى وهم الحضارة و الصدارة و الجدارة و هو فى واقع الأمر يملؤه المرارة...!!