Monday, March 01, 2010

المرأة في البرلمان

منذ عدة شهور كنت قد كتبت موضوعاً -لم أنشره- عن المرأة فى مجلس الشعب و بالأخص رأيي فى قرار تخصيص عدد محدد من المقاعد للمرأة بدءاً من الانتخابات القادمة ...ثم جاءت قرارات المحكمة الإدارية العليا بعدم تعين المرأة فى القضاء الإدارى و الجدل المثار حولها فقررت أن أنشر الموضوع السابق و يليه موضوع آخر عن الجدل الحالى
----------------



فى الشهور القادمة و كلما اقتربنا من الانتخابات البرلمانية يكثر الحديث عن الأحزاب و المرشحين و التوقعات بالنسبة للنزاهة و حجم التزوير و نسب المعارضة و المستقلين إلى آخره من الأمور التى تتعلق بتلك الانتخابات و كواليسها .و لكننى أعتقد أن الموضوع الذى سيضاف أو بمعنى أصح يعود بقوة إلى ساحة النقاش هو تخصيص 64 مقعد للمرأة فقط من خلال تحديد 32 دائرة انتخابية يقتصر فيها الترشيح على المرأة فقط و أقول أنه سيعود لأنه بالفعل تم تناوله كثيرا على سبيل الجد تارة و على سبيل الهزل تارة أخرى من خلال المقالات و الحوارات التلفزيونية و رسم الكاريكاتور و كالعادة يكون الحديث الجاد خال من الموضوعية وتكون الأحاديث أو الرسوم الهزلية مليئة بالاستهزاء المجحف.

إلى هنا قد يعتقد البعض أننى أمهد للدفاع عن حق المرأة فى الترشح و الدخول إلى معترك السياسة من خلال تلك الخطوة التى احتفى بها الكثيرون و لكننى لست من تلك الفرقة التى تصفق لأى قرار يخص المرأة لمجرد أننى فتاة على العكس إننى أكتب اليوم لأعبر عن استيائى من هذا القرار لعدة أسباب:

أولا:أن الأمر يخل بمبدأ مساواة المواطنين فى الحقوق –من وجهة نظرى المتواضعة- و لا أعلم إن كان الدستور فيه ما يسمح بتمييز فئة عن فئة على تلك الشاكلة.و بالرغم من حجة المؤيدين بأن هذا نوع من التمييز الإيجابى فإننى أرى أن ذلك أشد وطأة لأنه محاولة لإلباس التمييز لباسا براقا ليتقبله الناس و لكنه فى نهاية الأمر تمييز ضد فئة معينة فى حق ما.

ثانيا:أن الغاية من وجود البرلمان –أو المفترض- هو اختيار المواطنين لممثليهم بشكل عادل للجميع بحيث يكون هو الأفضل و الأقدر على تمثيلهم و نقل مطالبهم و أراءهم و شكواهم إلى الجهات المختصة فى الدولة فالعبرة بالأقدر رجلا كان أم سيدة أو حتى عفريتا.وقصر دوائر محددة للمرأة يقلل من فرص التنافس للجميع لإفراز الأفضل.

ثالثا:أن الحقوق بصفة عامة لا تمنح عن طريق تمييز البعض و لكنها تكتسب بقدرة مستحقيها على انتزاعها بكفاءاتهم.لذا فإنه فى تلك الحالة -على فرض أن هناك انتخابات حرة نزيهة -على من ترى فى نفسها القدرة و الكفاءة لتمثيل الشعب أن تعمل من أجل تحقيق ذلك و الحصول عليه عن جدارة لا أن يقتطع لها مقعد فى البرلمان و كأنه منحة أو عطية من ولى الأمر.

رابعا:أن هذا الأمر قد يحمل من الأضرار أكثر من الفوائد للمرأة نفسها لأن تحديد دوائر معينة يفترض أن المرأة فيها هى الأقدر على تمثيل الشعب و هو ما ليس صحيحا بالضرورة لأن فرص التنافس لم تكن متاحة للجميع و بالتالى قد تفوز إحداهن بالرغم من عدم جدارتها و بالتالى تسئ إلى صورة المرأة فى العمل السياسى و تعكس صورة سطحية و غير مسئولة فتكون مثارا للنقد لا لشخصها بل لكل امرأة سواء كانت كفء أم لا( و ذلك لاعتياد المجتمع على تعميم النقد السلبى على كل السيدات فى العمل السياسى -و غيره- إن أخطأت إحداهن على عكس ارتباط النقد بالأشخاص فى حالة الرجال).

خامسا:أنه من الوارد أن تلك الخطوة فى نهاية الأمر تحمل فى طياتها أهداف أخرى لخدمة مصالح الأغلبية حيث سيكون لهم ضمان السيطرة على مقاعد معينة لعملهم على تجهيز و دعم مرشحاتهم منذ وقت طويل و بالتالى إزاحة المرشحين المعارضين الرجال من تلك الدوائر.

كانت هذه أهم النقاط التى دارت بذهنى وقد يرى البعض أن تحليلى للأمر مجحف أو يتهمنى بقصر النظر و رفض حق من الحقوق التى تمنح لى و لغيرى و هنا أرد مؤكدة مرة أخرة أن الحقوق لا تمنح بل يجب أن تكتسب عن جدارة و استحقاق.

No comments: