الليل يرخى سدوله متسللا فى صمت شديد...حتى أن أحدا لا يعلم أيأتى زاحفا بسرعة بطيئة أم ببطء سريع ...يأتى ليعلن بوضوح نهاية يوم كأشباهه من الأيام التى تتوالى فى تسلل عجيب يشعره و كأنه يوم أبدى...!!
علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!
يأتيه صوت مألوف منشدا تلك الكلمات من أحد السيارات المارة أسفل البناية المتواضعة التى يقطنها...تمضى سريعل قبل أن يتذكر صاحب الصوت أو كلمات الأغنية...تمضى و يخبو الصوت...و لكن تبقى الكلمات مترددة داخله...!!!
علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!
يحاول جاهدا الهروب من حصار تلك الكلمات...لا يدرى لماذا فى تلك اللحظة بالذات تباغته تلك الكلمات لتذكره بأحلامه الضائعة...!!
علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!
يشعر بقشعريرة تسرى فى جسده ...يرى أحلامه القديمة تحاصره...يمر أمامه شريط من الذكريات حاملا كل أحلامه الضائعة...يسمع كثيرا أن المرء يرى شريط حياته قبل أن يموت...لا يدرى هل هذا هو الشريط المزعوم؟...هل كانت أحلامه هى حياته....هل أضاع الأولى فأضاع الثانية...هل شارف على الرحيل؟!!
علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!
يصر على الخروج من ذلك الحصار ...يتناول كتابا و يبدأ فى القراءة علّه يجد بين دفتيه ملاذا من كل ذلك التشويش الذهنى
علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على الشماعة..!!
يدرك أنه فشل مرة أخرى فى الهروب من شرك الذكريات ...يتجه إلى التلفاز...يدير مؤشره فى محاولة يائسة لتشتيت ذهنه عما تملكه فى تلك اللحظات القليلة الماضية
يرى منير على المسرح صادحا
شد لحاف الشتا على جسمه..دحرج حلمة و همة واسمه..دارى عيون عايزين يبتسمو
يشعر أن الكلمات ما زالت تحاصره و لكنه لسبب ما يرفع الصوت إلى مستوى أعلى آملا فى الخروج من الحالة الذهنية التى تسيطر عليه..!!
اللى قضى العمر هزار..واللى قضى العمر بجد..شد لحاف الشتا من البرد
فجأة يشعر بإحساس البرد يسيطر عليه رغم اعتدال الطقس...يبدأ بالشعور بقلق غامض...فيرفع صوت التلفاز لمستوى أعلى..!!
حط الدبلة وحط الساعة..حط سجايرة والولاعة........
علّق حلمة على الشماعة
يتسمر لا إراديا فى مكانه لوهلة و صوت منير يأتيه من كل مكان
علق حلمه على الشماعة.. علق حلمه على ....
يغلق التلفاز سريعا متخلصا من الصوت الصادر منه دون أن يقتل الصوت الذى يسكنه...يغادر المنزل سريع ...يسير متدثرا بظلام الليل إلى حيث تحمله قدماه...يدرك أن أحلامه الضائعة قد قررت مطاردته فى تلك اللحظة فى نهاية عمره...لم يرد أن يتذكر من منهما أدار ظهره للآخر منذ أعوام طويلة...!!!
هل كان هو عندما شعر أنه ليس مقدر له أن يحلم؟ أم كانت أحلامه عندما خذلته فى كل وقت و حين؟
هل هو من علقها؟ أم هى التى علقته؟
هل كان قاسيا على أحلامه؟أم هى التى قست عليه؟
هل...
تبا لتلك الأسئلة اللعينة التى طوى الزمن إجاباتها منذ عشرات السنوات....!
يأتيه صوت من مصدر مجهول منشدا:
هكذا تركني حلمي ورحل
هكذا تركني حلمي ورحل
ربما لأنه لم يستطع احتضاني
وربما لأنه لم يحتمل إحتضاري
فتركني ورحل*
-------------
*مكادى نحاس
No comments:
Post a Comment