اثبات جديد على أن الابداع ليس له حدود..و أن فى مصر لكل شئ معنى و شكل و مذاق أخر يصعب على حواسنا ادراكه...انه حفل افتتاح مونديال الشباب 2009...!!ا
أذهلنا المنظمون و صاحب الرؤية الفنية -الذى أعلم يقينا أن الكثيرين قد حاولوا جاهدين فهمها فى اطار الفن السريالى..و لكن هيهات أن تدرك عقولنا المتواضعة ذلك الاخراج الفنى المذهل...!!ا
جماعات قليلة متفرقة فى ساحة الملعب ترتدى ملابس رديئة وتقوم بحركات سخيفة مكررة دون هدف على مقاطع من الموسيقى المملة...على المشاهد ألا يطمع فى وجود تشكيلات هائلة أو استعراضات ضخمة...ففى النهاية هم أعداد قليلة جدا و يبدو أن مهاراتهم ضعيفة الى حد كبير أو أن مصمم العرض قد أعطى لكل منهم بعض الحركات ليختاروا من بينها فى عشوائية و حرية-من الواضح أن هذا كله ضمن الرؤية السريالية-....الأهم من ذلك أنك بالنظر الى ملامحهم تدرك أن منهم البعض-أو الكثيرين- ليسوا بمصريين...يبدو أنهم من أوروبا الشرقية و روسيا ..الى أخره من الدول التى صدرت لنا راقصيها فى التسعينيات من القرن الماضى بعد انهيار الاتحاد السوفيتى ...!!!ا
قد تشعر فجأة أنك فى القرن الماضى وأن عمرو دياب قد يخرج فى أى لحظة بقميصه المنقط و هو يهذى "بالحب اتجمعنا و الدنيا حتسمعنا و الليلة أول أعيادنا....الخ"...أول أعيادنا...أخر أعيادنا...تتساءل للحظات هلى بقى لنا من معنى الأعياد شيئا؟!!!اتعود الى واقعك الأليم فتدرك أن ما تشاهده لا يرقى حتى الى مستوى افتتاح الدورة الأفريقية 1992...على الأقل كانت الجموع مصرية الملامح...و لم نكن قد بلغنا هذا القدر من التقدم التقنى الذى لا يغتفر معه ذلك المستوى الهزيل المفزع فى الأداء الفنى أو الاخراج التلفزيونى...نهاية الأمر ينتابك شعور واحد ...أن ما تشاهده هو الأسوأ على الاطلاق...!!!ا
يوسوس اليك ابليس اللعين لتقارن بين ما تشاهد و ما شهده العالم أجمع فى العام الماضى فى بكين...هنا تستعيذ بالله من تلك الوساوس و تحاول طرد تلك الهلاوس قبل أن يصيبك الجنون...!!ا
تحاول خداع نفسك و تحاول أن تتحلى بالصبر و الأمل فى ارتفاع مستوى العرض و الوصول الى ذروة الأداء بعد منتصف الاحتفال...تتحطم أمالك على عارضة الواقع عندما تجد كل شئ يسير على نفس الوتيرة...توقن حينها أنه من المؤكد أن جوزيف بلاتر قد تنفس الصعداء لعدم تأهل مصر لاستقبال كأس العالم 2010...قد تكون جنوب أفريقيا أقل أمنا من غيرها...قد يكون عليها العديد من التحفظات...و لكن حتما لن تصل الى هذا الحد من رداءة الأداء فى حدث يفترض أنه عالمى ...من المؤكد أن الحضور سينالون نصيبهم من المتعة و الانبهار...من الوارد ألا يأمنوا على حياتهم أو أموالهم..و لكن على الأقل سيضمنوا قسطا من المتعة البصرية...و ليكن ما يكن بعده...فليُسرقوا أو يُقتلوا حتى...حتما سيكون أفضل من ذلك التعذيب البصرى فى ما تشاهده هنا...!!ا
نعم..قد يكون مجرد احتفال يمر مرور الكرام...و لكنه فى النهاية انعكاس لكل أفات المجتمع فى اللامبالة و نقص التخطيط و فقر التنظيم و ضعف الأداء و الاهمال على المستوى الفردى و الجماعى...الخ
نعم..قد يكون مجرد احتفال..مجرد حدث كغيره من أحداث أيامنا المتتالية..نراها فنضحك باكيين أو نبكى ضاحكين...فكما قال المتنبى:
و كم ذا بمصر من المضحكات ....و لكنه ضحك كالبكا