فى كتابه "ماذا علمتنى الحياة؟" ذكر الدكتور جلال أمين أحد أحب أساتذة الحقوق له الدكتور حسين خلاف و ذكر إحدى حكاياته لهم و التى استرعت انتباهى عندما قرأت الجزء التالى:
"...يحكى لنا مثلا عن مصلحة السكك الحديدية التى استوردت قطارات من دولة أوروبية لا تعرف الفرق بين الدرجة الأولى و الثانية. و إذ تصر مصلحة السكك الحديدية المصرية على تقسيم القطار إلى درجات لا تجد وسيلة لذلك أفضل من أن تشوه بعض الدواوين و تزيل منها بعض وسائل الراحة حتى تصبح أكثر ملاءمة لذوى الدخل المنخفض"
عندما قرأت تلك الوقعة ورد بذهنى حال البلاد اليوم و شعرت أن تلك السياسة القديمة التى ترجع إلى عشرات السنوات قد استفحلت يوما بعد يوم لتشمل الوطن بأكمله...ذلك القطار الذى يقلنا جميعا على اختلاف أعمارنا و توجهاتنا و مستوياتنا التعليمية و الثقافية.
شعرت أن من يقودون قطار الوطن لا يستسيغون قط أن يقلّوا الجميع دون فرق و يرون أنه من الواجب تصنيف المواطنين إلى درجات لإعطاء كل درجة ما تستحق-من وجهة نظرهم- لذا أخذوا يهملون بعض الأماكن عن قصد و يتجاهلون الإصلاحات و المرافق و الخدمات الأساسية و هو بمثابة التخريب المتعمد لجعل المكان ملائم لذوى الدخل و النفوذ المحدود أو المعدوم. و على الجانب الآخر يتم الاهتمام بالأماكن التى تجمع الدرجات العليا لتلائم مقامهم العالى-من وجهة نظرهم القاصرة أيضا- حتى و لو كان التفضيل فيه من الإجحاف المفرط ما تراه فى حالة حرمان الكثير من عربات الدرجات الدنيا فى قطار الوطن من المرافق الأساسية كالصرف و مياة الشرب التى تغرق ملاعب الجولف فى عربات الدرجة الأولى.
و إذا تمعنّا فى كل شئ يمكن ضرب الكثير من الأمثلة الدالة على التناقض الصارخ و الفرق الشاسع الذى يبين سياسة تقسيم قطار الوطن إلى درجات دون إدراك أنه مهما تم تقسيمه داخليا إلى مستويات فإنه سيظل متصلا و إذا شب الحريق فى عربات الدرجات الدنيا فإنه سرعان ما سيمتد إلى الدرجة الأولى ليحترق قطار الوطن بأسره...!!!
Monday, March 29, 2010
قطار الوطن
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment